السبت، فبراير 13، 2010

وطار السرب مهاجرا ً

و طَار السرب مهاجرا ً

انطلق صوت بندقية أفزع طيور السماء
قلب السكون إلى دوي مزعج أرعب الساكنين في أرجائها


كانت ضربة قوية أصابت جناح ذلك الطائر جعلته يهوي إلى الأرض

و فيما كان يهوي كان يتألم ألما ً شديدا ً لجرحه الذي كان ينزف

و عندما وقع كانت وقعته أشد ضررا ً و ألما ً لجسمه كله

كان يتعذب ألما ً و فيما هو كذلك
جعل ذلك الطائر الجريح ينظر إلى الأعلى .. إلى السماء

لقد كان قبل لحظات جزءا ً من ذلك السرب المهاجر

كانت عيناه تلمعان حزنا ً و أسى .. و كانت تحدقان بعيدا ً

مؤلم جدا ً أن يفقد الطائر جناحه
و تسلبه الحياة حريته و أحلامه

كان من بين ذلك السرب طائرا ً واحدا ً فقط يلتفت إليه كانت أنثى و جعلت تنظر إليه بإشفاق لا يوصف
حاولت أن تهبط إليه ..أن تنقذه أن تواسيه
لكنها لم تلبث أن عادت لتنضم إلى ذلك السرب كان عليها أن ترحل معهم

و طارت بعيدا ً .. مهاجرة , و تركته وحيدا ً

و ظل ذلك الطائر الجريح ينظر إلى السماء حتى اختفى ذلك السرب تماما ً
في الأفـــــق


جاء طفل صغير أخذه و وضعه في قفص ترك بابه مفتوحا ً

كان الجرح الذي أصاب الطائر مؤلما ً.. مؤلما ً جدا ً
لدرجة أنه لم يقوى حتى على الخروج من القفص

ظل ذلك الطائر الجريح بنتظر عودة السرب المهاجر و ينتظر و ينتظر ..
و كان الطفل يُعنى به وبجرحه الأليم في تلك الفترة

و عندما حل فصل الربيع
عادت الطيور المهاجرة..

حاول الطائر أن ينتهز فرصته و يحلق بعيدا ً
لينضم إلى ذلك السرب

و لكنه كان يتعثر في طيرانه و تحليقه
لقد مضت مدة طويلة لم يستخدم فيها جناحيه
حاول أن يطير .. أن يلحق بذلك السرب مهما كلف الثمن
لكن الطيور لا تتوقف و لا تنظر إليه
حتى تلك الأنثى الرؤوفة التي عشقها لم تكن تنظر إليه
هذه المرة ..
و ما زال يطير تارة و يهوي تارة أخرى
لكنه لا يلبث أن يقاوم و يرتفع إلى الأعلى

و مازال هذا حاله حتى توقف ذلك السرب و هبط في مكان ما معلنا ً نهاية الرحلة

أما طائرنا الجريح فقد هبط أيضا ً في مكان ما
و لكنه إنتهز هذه الفرصة ليلحق بهم و لو على رجليه الصغيرتين..
و كان قلبه يخفق بشدة شوقا ً لرؤية حبيبته


و عندما وصل إلى حيث هناك
آلمه المنظر الذي رآه

رأى تلك الأنثى و لكن معها طائر آخر.. بمنقاريهما يتعانقان

و في هذه اللحظة فقط تذكر لحظة الجرح الخطيرة
تذكر عندما فرد جناحه عليها في تلك اللحظة الخاطفة لينقذها
من أن تقع الرصاصة على قلبها

و في هذه الأثناء عاد الطائر الجريح من حيث أتى و عاد إلى القفص
لقد اعتاد على حياته تلك

لقد آثر أن يكون وحيدا ً يناجي القضبان على أن يظل جريحا ً طوال حياته
كان جرحه أشد ألما ً مما مضى ..

أما هي.. فربما كانت قد نسيته تماما ً و ربما اعتقدت أنه مات..
من يدري.. ربما كانت ترفض الإقتران بطائر جريح لا يقوى على إنقاذها
أو مساعدتها ..كانت تقكر بطائر قوي يحميها

الثلاثاء، فبراير 09، 2010

حكاية حورية



حكاية حورية
هي قصة .. شاركت بها العام الماضي في مسابقة القصة القصيرة بالجامعة
و حازت على المركز الثالث و الحمدلله ,, و هنـا أطرحها لكم أيها القراء الأعزاء
بعد إضافة بعض التعديلات و الإضافات البسيطة لكني لن أكتفي بطرحها بل أود مشاركتي بآرائِكم..ملاحظاتكم

مقدمة

إنها حكاية أشبه إلى الأسطورة منها إلى القصة .. قد يبدو للبعض من أول وهلة
أنها قصة حورية البحر المعروفة إلا أنها مختلفة تماما ً

حكاية حورية

النور .. الحياة و النعيم حيث السعادة التي لا نشعر بها إلا إذا فقدناها




كان يا ما كان في غابر الازمان


كانت هناك فوق الصخور على شاطئ البحر الأزرق المتلألئ
حوريتا بحر غايتا في الجمال و كأنهما حوريتان نزلتا من السماء


قالت الحورية الأولى للأخرى :
- أواه .. كم بودي أن أعيش على الأرض و أرى عالم البشر


قالت لها الأخرى والتي تبدو أكبر منها سنا ً وأكثر حكمة:
- لقد خلقنا الله لنعيش في عالم البحار و المحيطات نصفنا من البشر لنتنفس ما شاء لنا الهوى
و لنرى السماء و ندعوه سبحانه نقدسه و نمجده و نصفنا الآخر بحري لنغوص في عالمنا المذهل
لنعيش بآمان بعيدا ً عن شرور الإنسان التي خُلقت معه
أما ما يحدث هناك وراء الأفق و تلك الأرض الجافة من المياه و الخالية من الأمان
يوجد عالم آخر لا ندري ما يدور فيه و ليس لنا أن نسأل عن عالم لا ينتمي إلينا
و لقد خُلقنا و لا ينقصنا في هذا العالم من شيء و ليس هناك ما يكدر علينا صفو حياتنا وسعادتنا
ردت الأولى
- و لكن فضولي يقتلني ..كم أود أن أتكلم بلغة البشر لأفهم ما يجري هناك في العالم الآخر
لابد أنه عالم يعيش بمتعة و سعادة لم نخلق لنعيشها
- لا .. بل أنه عالم انتشرت فيه الرذيلة و الفساد .. لم تعد الأرض كما كانت بالسابق ولم تعد المرأة تلك الجوهرة المكنونة
- أود أن أعرف ماذا حدث في تلك الأرض .. أريد أن أعرف قصة ذلك الإنسان الذي يعيش على الأرض


قالت لها الأخرى بدهشة:
- أأنت ِ واثقة
_ نعم
- إذن إذهبي إلى شيطان البحر في كهفه المظلم ظلمة فوق الظلمات في أعماق البحر العميق
-الشيطان ! .. لماذا ؟
- أن الجزء العلوي و السامي من البشر هو من صنع الله أما الجزء السفلي و الحقير فهو من صنع الشيطان .. الشيطان الذي أخرج آدم من الجنة !
- و بعد ذلك ؟
- سيحررك من الجزء السمكي و يصنع لك ِ رجلين ثم يخرجك من عالم البحار
عليك ِ أن تنسي البحر بعد ذلك ستذهبين و لكنك لن تعودي أبداً
و لكن إحذري!
عندما تصبحين إنسانة يجب أن تحذري من شيء إلا ستموتين!
ردت عليها بنبرة ممزوجة بالخوف و الدهشة:
- و ما هو هذا الشيء ؟
- نحن الحوريات نعيش بحرية منزهات من كل ما يفعله البشر من رذائل
عندما تصبحين على الأرض و قد تحولتي إلى إنسانة كاملة
فعليكِ الحذر ثم الحذر .. إكبحي شهواتك و لا تطيعي ما يسوله لك الشيطان
من غرائز لم تكن فيك وأنت حورية
قاومي رغباتك .. قاومي نفسك .. تذكري خالقك , و لا تطيعي من عصاه و هو الشيطان
وإياك و فعل الفاحشة
لأنك ِ اذا فعلتِ ذلك فهذا يعني أنه قد كتب لك الهلاك بعد تسعة أشهر .. بعد الوضع مباشرة
ثم أردفت:-
"لقد خُلق الإنسان بين شريف (وهم الملائكة) ووضيع (الحيوان) فكان الإنسان وسط بين الإثنين وجعل له مفاتيح إن أخذها يستطيع أن يتقرّب من الملائكية وإذا تركها تدنّى للحيوان (بالشهوة الحيوانية)"


غاصت الحورية وغاصت و غاصت حتى اختفت تماما ً في أعماق المحيط
حيث لا يصل إليه بصيص من نور الشمس , حتى وصلت إلى كهف أشد ظلمة
لقد غاصت ودخلت عالم الظلام منذ أن سلكت هذا الدرب المعتم الذي لا يهدي إلى سبيل معروف


دخلت الحورية الكهف تحت جبل ضخم تحت المحيط حتى اختفت تماما ً و ابتلعها
الظلام .. و هناك لا نعلم ماذا حدث لها و ماذا عملت ؟ , و لكن بعد مدة من الزمن
حدثت زوبعة مائية في باطن المحيط شديدة كانت الزوبعة تعصف في قلب الماء و التيارت
و لم نرى الحورية إلا وقد حملتها التيارات المتصارعة إلى الشاطئ
و قد خُلق لها رجلين .. كانت شبه عارية فقد صنع الشيطان لها رجلين و تركها لتواجه مصيرها
وكانت فاقدة الوعي ولم تشعر بأي شيء.


وبعد فترة من الزمن شعرت أنها طويلة فتحت عينيها على أول إنسان تراه في الوجود وشعرت بأنها مدينة له لأنه أنقذ حياتها كما كانت تعتقد
بعد أن كادت أن تغرق غير مدركة أن البحر بعالمه الكبير قد لفظها إلى اليابسة كما يلفظ الحوت إنسانا ً كحشرة صغيرة لا قيمة لها , لقد تخلى عنها عالم البحر بأسره لأنها تخلت عنه وحطت من قدرها إلى منزلة لا تليق بها.
مد إليها يده لمساعدتها على النهوض فاستجابت له وهي في قمة السعادة لأنها أصبحت تسير على قدمين .. وقادها إلى حيث يوجد كوخه الصغير
وهناك , سول لها الشيطان وأغواها منقذها المحبوب فعل ما حرم الله..


أظلمت الدنيا و أشعلت السماء مصابيحها الليلية _النجوم_ كانت قد اعتادت النوم هناك في البحر بمجرد أن تسحب الشمس خيوطها الذهبية , ولهذا فقد أسلمت نفسها إلى النعاس وحل النوم ضيفا ً رقيقا ً في أول يوم تضع فيه رأسها على وسادة الأرض


و عندما أيقظتها أشعة الشمس في صباح اليوم التالي وجدت أن منقذها قد اختفى ولم يعد له أثر
وهكذا ظلت حوريتنا تحوم في الغابة بحثا ً عن إنسان آخر وعن بشر
وبعد بضعة أيام شعرت بالتعب والإرهاق وشعرت بثمرة الخطيئة تتسلل إلى أحشائها
و أدركت حجم المصيبة التي ألحقت نفسها بها , وتذكرت وصايا رفيقتها الحورية
سوف تموت بعد أن تضع طفلها, بعد أن يخرج إلى الدنيا .. بعد تسعة أشهر
ستواجه الهلاك و ترحب بملك الموت
و أدركت أنها أخطأت منذ أن توجهت إلى شيطان البحر
وهنا ركعت الحورية إلى الله متضرعة:- ياإلهي لقد أغواني الشيطان وأخرجني من البحر كما أخرج آدم من الجنة ,إلا أن الفرق أن الشيطان قد أتى إلى آدم وأغواه أما أنا فأنا الذي ذهبت إليه بنفسي ولهذا فأنا استحق ما نزل بي من لعنة.


وعلى بعد مسافة قصيرة من هناك رأت الحورية مخلوقا ً يسمى بالسيناتور
كان نصفه العلوي إنسان ونصفه الآخر حصان


- يا إلهي هل لُعن هذا المخلوق ومُسخ


لم تجرؤ حورية الإقتراب منه نظرا ً لوحشيته التي يخشاها الكل وجبروته


و أخذت تجري وتجري حتى سمعت بعض الأطفال يركضون خائفين و هم يرددون :
- إنه بيت الساحرة ..إنه بيت الساحرة
فدققت نظرها فرأت هناك بيت متهالك يقع في إحدى أطراف قرية صغيرة
واصلت طريقها خلف الأطفال حتى دخلت القرية ..وهناك أخذت تسأل و تحكي للناس قصتها لعل أحدهم يجد حلا ً لمشكلتها , قال لها بعضهم أنها ستظل على قيد الحياة إذا ما وجدت نبع الخلود وشربت من الكأس المقدسة حيث يوجد كهف العجائب وهو درب طويل لا يصل إليه إلا أشجع الرجال وبشق الأنفس ,بينما نصحها أحدهم بالتوجه إلى الرجل الحكيم حيث يتعبد في كهف على بعد مسافة قصيرة من القرية ولابد أنه سيجد حلا ً لمشكلتها


في طريقها إلى هناك سول لها الشيطان و غلبت عليها رغبتها في الخلود أن تتوجه إلى بيت الساحرة لتسألها عن مكان نبع الخلود و لتتنبأ لها بما سيحدث لمستقبلها


و بعد ذلك توجهت إلى الرجل العجوز حكيم القرية فقال لها :- إن هناك طريقا ً مختصرا ً أسهل بكثير من طريق نبع الخلود هو أن تطلب من الله التوبة و المغفرة في أرض تدعى بأرض الأمنيات بشرط أن تعترف بخطيئتها وأن تخلص النية
ثم نصحها بأن تصوم هناك .. لأنه حينما يصوم الإنسان يتجرّد من بشريته ويعلو ويتقرب من الملائكية , ثم بين لها الحكمة من ذلك لأنها اذا استطاعت أن تمتنع عن الحلال فستتمكن بسهولة أن تمتنع عن الحرام
"فالصيام يرفع درجة الإنسان إلى درجة الملائكية وهي الطاعة العمياء لأن الملائكة جُبلت على ذلك والبشر الطائعين أفضل عند الله تعالى من الملائكة لأن الإنسان الطائع الذي أمامه الفجور والتقوى اختار الطاعة والتقوى أما الملائكة فهي طائعة بالكليّة"


و أصبح أمام حورية مفترق طريقين لا نعلم أية رغبة ستجتاحها هذه المرة أتتوجه إلى نبع الخلود
حيث سر النبع و الخلود أم إلى أرض الأمنيات لطلب المغفرة
ُ
و لا نعلم ماذا حدث لها بعد ذلك..


البعض قال أنها ماتت في طريقها إلى نبع الخلود وكهف العجائب فهلكت قبل أن تواجه مصيرها المحتوم
و البعض الآخر قال أنها وجدت أرض الأمنيات وهناك دعت ربها واعترفت له بخطاياها فغفر لها ذنوبها فأعادها حورية وعادت كما كانت تسبح في أعماق المحيط


أما البعض الآخر فقد قال بأنها قد وصلت إلى نبع الشباب وشربت من الكأس المقدسة كأس الخلود لكنها ماتت بعد مدة من الزمن ولكنها أنجبت ولدا ً خالدا ً


أما البعض فقد قال أنها قد تزوجت من السيناتور الكائن الخرافي فكانت اذا أنجبت ذكرا ً أنجبت سيناتورا ً أما اذا أنجبت أنثى كانت حورية


أما أنت ايها القارئ فأختر النهاية التي تعجبك ..


بقلم: أحمد الغنام
2008 - 2009